إنتهى فصل الصيف، وبدأ الأهل والتلاميذ اعداد العدّة للإنطلاق في عام دراسي جديد قد يكون مثقلاً بالهموم نتيجة غلاء المعيشة وارتفاع الأقساط المدرسية وأسعار الكتب وغيرها من اللوازم التي يحتاجها الأولاد على مقاعد الدراسة. ولكن ما لا يعرفه كثيرون أن تسويق وبيع الكتب المدرسية بات التجارة التي تدر ربحاً على العديد من مدراء المدارس اليوم.
غلاء معيشي
"لدينا ثلاثة أولاد ولا يستطيع أي منهم الإستفادة من كتب اخوته ففي كلّ عام يغيّرون أغلب الكتب فنضطر الى شرائها من جديد، هذا إضافة الى الأقساط المدرسية الباهظة وغيرها من الأمور التي باتت تثقل كاهلنا". هذا ما يشير إليه سمير الضاني، متمنياً "حل هذه المشكلة التي تزداد سنة بعد أخرى". أما ريتا سماحة فتعتبر أن "اتباع هذه الطريقة في إرتفاع الأسعار ستدفع بالأهل الى إخراج أولادهم من المدارس الخاصة وتعليمهم في المدارس الرسمية لأن الأمر بات فوق طاقتنا".
سوق سوداء
تختلف أسعار الكتب في السوق اليوم بين دار نشر وأخرى، ففي مقابل بقاء أسعار الكتب لدى مكتبة أنطوان على حالها بما يخص الكتب التي تصدرها وتوزعها المكتبة وإنخفاض تلك المستوردة من الخارج ومن فرنسا تحديداً بسبب إنخفاض سعر اليورو، فإن هناك دور نشر أخرى أسعار الكتب لديها مرتفعة ولا تستحق ذلك. هذا ما يؤكده مدير القسم المدرسي في مكتبة انطوان ميشال خوري لـ"النشرة"، شارحاً أن "سبب هذا الارتفاع المفرط في أسعار الكتب يعود الى "بعض" دور النشر التي تدفع لمدير المدرسة مبلغاً معيّناً من المال ليسوّق الطبعة التي تصدرها وتسترد الأموال التي دفعتها عبر رفع سعر الكتب"، داعياً الى "تشديد الرقابة على هذا الموضوع لأن ما يحصل هو "فضيحة" بكل ما للكلمة من معنى".
كارين زوين وهي موظفة في الادارة في دار المكتبة الأهلية، تشير الى أن "أسعار الكتب إرتفعت عن السنة الماضية"، لافتةً الى أن "لا دخل لدار النشر بتسعير الكتب فوحدها وزارة التربية هي المعنية بالأمر فهي ترسل لنا موافقتها على الكتب والتسعيرة معهم". وهنا ردت مصادر وزارة التربية على هذا الكلام، مؤكدة أن "لا دخل لوزارة التربية بالموافقة على أي طبعة كتب للمدارس الخاصة كما أن لا دخل لها أيضاً بتسعير تلك الكتب في القطاع الخاص"، لافتةً الى أن "المركز التربوي للبحوث والانماء يسعّر الكتاب المدرسي الوطني الذي تعتمده المدارس الرسمية فقط لا غير".
طرق مخالفة للأنظمة التربوية
في هذا الإطار يرى أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار أنه "وإذا كان صحيحاً أنه يتم اتباع طريقة تسويق الكتب في المدارس عن طريق دفع مبالغ للمدراء ومن ثمّ تحصيلها من جيب الأهل فإن هذا مخالف للأنظمة التربوية"، ومشيراً في نفس الوقت الى أنه "وفي حال كانت تستعمل هذه الأساليب في بعض المدارس فإن الشواذ لا يقاس عليه"، ومشدداً على أن "المدارس التي تحترم نفسها تسعى الى إدخال الطبعة الأفضل لتعليم الطلاب فيها وهذا يمكن أن يخلق منافسة جيدة بين دور النشر من ناحية السعي الى إصدار أفضل الطبعات".
مفاجأة الأقساط في كانون الثاني
أما بخصوص الأقساط المدرسية فقد حاولت "النشرة" الاتصال ببعض مدراء المدارس للإستفسار منهم عما إذا ارتفعت الأقساط أم لا تزال على حالها لكنها لم تلق جواباً نظراً "لإنهماكهم كما قالوا" بالتحضير لبداية العام الدراسي، إلا أن الجواب جاء على لسان الأب عازار الذي يؤكد أنه "لا يمكن تحديد إذا ما كانت أسعار الأقساط سترتفع هذا العام إلا لشهر كانون الثاني اي تاريخ وضع الموازنة"، شارحاً أن " وضع الأقساط يخضع للقانون 515 الذي ينظم الموازنة وهو الذي من خلاله يتبيّن إذا كان هناك "زودة" على الاقساط أم لا وهذه الموازنة توضع في شهر كانون الثاني"، مشيراً الى أن "القسط يقسّم كالتالي 65% منه هو عبارة عن رواتب المعلمين وهذا لا يمكن المسّ به و35% المتبقية هي لتطوير وتحسين المدرسة"، مضيفاً: "العديد من المدارس تقدم مساعدات للتلاميذ على شكل حسومات تصل الى 35%".
وإذا كانت "الزودة" على الأقساط تظهر في كانون الثاني، فكيف يدفع التلامذة الدفعة الأولى من القسم في بداية العام الدراسي؟ يوضح الأب عازار أنّ هذه الدفعة تشكّل 30 بالمئة من قسط العام السابق "كدفعة على الحساب، وهذا الأمر لا تستطيع أيّ مدرسة أن تخالفه". وفيما يحمّل الدولة المسؤولية باعتبار أنّها تفرض غلاء الأقساط لأنّها لا تتحمّل أجور الأساتذة و إصدار وتطبيق قوانين تتعلق بمجانية التعليم، يطالب بتطبيق التشريعات في السنة التالية لإقرار الموازنة، بمعنى أنه في حال كان ثمة "زودة" على الأقساط وظهرت في موازنة هذا العام فلتطبق في العام الذي يليه وليس في العام نفسه.
في المختصر المشهد التعليمي يبدو كالتالي: إرتفاع في بعض اسعار الكتب حسب دور النشر وترقّب لوضع الأقساط المدرسية التي يمكن أن تشهد إرتفاعاً كما السنوات السابقة في ظلّ غلاء معيشي كبير!